إدّي العيش لخبازه (إدّيلو)
ونبدأ بحكمة العدد. حيث لا يمكن للمرء (أو المرأة) التخصص في كل شيء أو حتى الكثير من الأشياء. فالواقع ينبئنا بأن من القدرة البشرية معرفة القليل عن كثير من الأشياء مع معرفة الكثير عن بعض منها، أي التخصص فيها. والتخصص يحقق التقدم. فكل الإنجازات البشرية تكاد تكون من نتاج المتخصصين العاملين في مجالهم ردحاً من الزمن. والتخصص لا يأتي هيناً ويتحقق فقط بعد سنين من الممارسة والإجتهاد في الإتقان.
وفي تجربة قريبة تتعلق بمشروعي البرمجي الذي بدأت الحديث عنه في التدوينة السابقة ظهرت حاجتي الى رمز (icon) للبرنامج الذي أقوم بتطويره. ومع شغفي بهذه الرسوم الصغيرة فقد كنت أعرف أنه ليس باستطاعتي تصميم الرمز وربما تحديداً تنفيذه بالرغم من بساطة الموضوع الظاهرة وبالرغم من قرب الموضوع الى مجال عملي التصميمي. فرأيت أن أبحث عن أهل الإختصاص لأجل عمل الرمز المطلوب.
وجاء محرك البحث Google الى النجدة. وللأمور البصرية كالرسومات والتصاميم أستخدم الجانب الخاص بالبحث عن الصور في هذا المحرك. وجاءت النتائج سريعاً لترشدني الى موقع بندر رفة حيث قام بتوفير رموز جاهزة للكعبة المشرّفة والقبة الخضراء حيث اخترت الثانية لبراعة إظهارها. وقد راسلت الأخ بندر للاستئذان في استخدام الرمز في برنامجي.
وتستطيع مشاهدة الرمز في صناديق الحوار التي نشرت نماذج منها في التدوينة السابقة ومثال لذلك الصورة على هذا الرابط.
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
ولكن بعد هذا الحظ العاثر (والعاثر هنا من العثور وليس التعثر) تعثر حظي (من التعثر هذه المرة وليس العثور) حينما حاولت أن أجد خطاً مميزاً لإسم البرنامج من خلال Google وغير Google. ويبدو أن القاعدة في زماننا هذا هو أنه حينما يحتاج المصمم الى خط عربي يناسب حاجة تصميمية محددة فعليه واحدة من هذه:
- أن يسكب العبرات
- يطفئ الشمعة ويلعن الظلام
- يحك جلده بظفره
وقد أعجبني من ذلك الإختيار الثالث حيث شرعت في تصميم خط العنوان بنفسي مبتدئاً من الصفر العربي على اليسار. ولعله كان لزاماً عليّ أن أصمم العنوان بنفسي فأنا في جميع الأحوال مصمم خطوط. أو على الأقل أدّعي ذلك وما هذه المدونة الطويلة العريضة إلا لإثبات ذلك، أو الوصول الى ذلك، قبل ذلك وبعد ذلك.

تبدأ فكرة التصميم بالتخطيطات السريعة على الورق. ولم يتعدى هذا التخطيطين الظاهرين في الصورة حيث قمت بعدها برسم مقاطع الحروف وتكوين الشكل الكلّي في برنامج إليستريتور. وآخر مرحلة تكمن في تدشين العنوان في مكانه في التصميم والذي كان هنا المطوية الدعائية للبرنامج.

بدائل تصميمية للعنوان ويلاحظ الإهتمام بمنحنيات المقطع. وقد استلهمت التصميم من عنوان مستشفى جنين في ساحة الإندلس في بغداد. أما النون فقد استوحيتها من الطريقة التي كان مدرس الرياضيات يكتبها وذلك من أيام الدراسة الإبتدائية في الستينات من القرن الماضي. لأنني أحببت شكل النون التي كتبها ولم أنسها بالرغم من خمسين سنة مضت. وما الحبيب إلا الحبيب الأول.

في أول ظهور للعنوان على الموقع: تصميم بتشكيلة من الألوان الأساسية. وقد تكون هذه فرصة لتوضيح بعض الجوانب التصميمية في العنوان. فترى التقابل في الأشكال المستقيمة في حروف الألف واللام وحروف الكرسي مع دائرة النون. كما هناك تقابل أيضاَ بين مقاطع الحافات المستقيمة والمقاطع المنحنية. أما الإيقاع فهو واضح في تكرار الأجزاء العمودية في أول العنوان والذي ينتهي بجرس النون. وبالرغم من أن النقاط في الحروف العربية بمثابة التحدي التصميمي إلا أنها في ذات الوقت تمثل فرصة تصميمية حيث يمكن تحقيق الجمال البصري من خلال التقابل في المقياس بين حجم النقطة وحجم الجزء الرئيس من الحرف.

تطبيق لتصميم العنوان في تصميم لصقة. وهنا يظهر العنوان مع خطوط آخرى كخط مريم من تصميم عصمت شنبور وخط نسيم الذي تبرأ منه مراد. وقد قمت بعلاج خط مراد وخاصة النقاط لصياغة عنوان لخدمات الخط والتصميم التي أقدمها.

تشكيلة آخرى باستخدام صورة للخلفية. وقد تم تنفيذ هذا التشكيل ببرنامج فوتوشوب الذي لا غنى للمصمم الطباعي عنه.
